عبد الدين حمروش: نصوص قصيرة
عَلَى مَائِدَةِ الصَّبَاح
حِينَ بَادَلْتُهُ نَظْرَةً بِنَظْرَه،
اِفْتَرَّتِ الْوَرْدَةُ عَنْ بَسْمَةٍ خَفِيفَه.
حِينَ اقْتَرَبَ مِنْهَا أَكْثَر،
أَشَاحَتِ الْوَرْدَةُ بِوَجْهِهَا نَحْوَ الْحَائِط.
حِينَ بَادَرَتْهُ بِكَلِمَه،
اِشْرَأَبَّتِ الوَرْدَةُ، حِيناً، بِرَأْسِهَا.
حِينَ قَادَ يَدَهَا إلَى فَمِه،
اِخْتَفَتِ الْوَرْدَةُ، بِكَامِلِها، فِي الكَأْس.
حِينَ انْطَوَيَا عَلَى وَعْدٍ جَمِيل،
طَفِقَتِ الْوَرْدَةُ تَخْتَالُ فِي فُسْتَانٍ أبْيَض.
حِينَ تَخَلَّفَا عَنْ لِقَاء،
تَحَسَّسَتِ الْوَرْدَةُ قُبْلَةً كما تَزَلْ عَالِقَه.
.................
حِينَ اجْتَمَعَا حَوْلَ كَأْس،
اِنْدَلَقَتِ الْوَرْدَةُ، فَجْأة، عَلَى مائِدَةِ الصَّباح.
المحمدية، 26 ماي 2003
عَلَى إيقَاعِ طُبُول
فِي الْحَدِيقَةِ، الكلْبُ يَنْبَح.
فِي الْبَالْكُونِ، اَلْقِطَّةُ تَمُوء.
فِي الْخَارِج، اَلْبَاعَةُ يَتَنَادَوْنَ بِسِلْعَاتِهِمْ.
فِي الْمَطْبَخِ، الطَّنْجَرَةُ تُعْلِي مِنْ ضَغْطِ صَفِيرِهَا.
فِي التَّلْفَزَةِ، السِّبَاقُ يَرْفَعُ مِنْ سُرْعَتِهِ النِّهَائِيَّه.
فِي الْغُرْفَةِ، الطِّفْلَةُ تَتَهَجَّى آخِرَ أَحْرُفِهَا.
فِي الْبَابِ، الضَّرَبَاتُ تَحْتَّجُّ عَلَى طُولِ انْتِظَار.
فِي الْمَخْدَع،
الرَّجُلُ مُلْتَحِماً بِجَسَدِها،
بِالْكَادِ يَشْهَقُ بِأُولَى رَعَشَاتِه.
المحمدية، 28 ماي 2003.
مَشَاهِدُ صَامِتَه
فِي حِين تَرْفُو الأُمُّ الثَّوْب،
تَلْهُو الْقِطَّةُ، في دَأَبٍ، بِالْبَكَرَه.
فِي حِين يُتابِعُ الأَبُ الْفِيلْم،
يَحْتَرِقُ نِصْفُ السِّيجارَةِ في الْمِرْقَدَه.
فِي حِين تَخِفُّ خُطَى الْخادِم،
يَتَمَلْمَلُ الشَّابُّ بِرَأْسِهِ عَلَى إيقاعِ رِدْفَيْهَا.
فِي حين يَتَّسَرَّبُ النَّسِيمُ عَبْرَ النَّافِذَه،
تَتَمَاوَجُ السَتَائِرُ بِحُنُوٍّ في حَرَكَاتٍ رَاقِصَه.
فِي حِين تَتَثَاءَبُ الْجَدَّه،
يَنْطَوِي الصَّبِيُّ عَلَى حِكَايَاتٍ فِي حِجْرِهَا.
فِي حِين تَسْتَلْقِي الْفَتَاةُ فَوْقَ سَرِيرِهَا،
يَفِيضُ الْبَيَاضُ مِنْ بَيْنِ فَخِذَيْهَا عَلَى الْحِيطَان.
الخميس، 26 ماي 2003.
عَنَاوِين صُحُفِيَّه
يَحْلُولَهُ
أَنْ يُتابِعَ أَحْوَالَ الْعالَم بِالحَمّام.
عَلَى الْمَقْعَدِ،
وَالصَّحِيفَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ:
إِسْرَائِيلُ تَغْتالُ أَرْبَعَةَ نُشَطاءٍ فِي فَتْح.
عَبّاسُ في انْتِظَارِ رَدِّ حَماسٍ عَلَى اقْتِرَاحِ الْهُدْنَه
آلاَفُ الْجُنُودِ الأَمْرِيكيِّين يَبْحَثُونَ عَنْ صَدَّام.
مَقْتَلُ ضابِط اسْتِخْبَارَاتٍ فِي سِيرِيلاَنْكا
مُحاوَلَةُ اخْتِطافِ سَعُودِيٍّ مُعَارِضٍ فِي لُنْدُن.
تِجَارَةُ الْجَسَدِ الْعَرَبِيّ: سِيَاحَة أمْ سِيَاسَة؟
خَطْفُ أَكْثَرَ مِنْ مائَةِ طِفْلٍ فِي كُولُومْبْيا.
تايْلاَنْدْ: قُيُودٌ عَلَى تِجَارَةِ لُحُوم الْكِلاَب.
مَاكايْ يُريدُ الاِنْضِمامَ إلَى بَايّرْنْ مْيُونِيخْ.
عَفْواً مَعالِي الْوَزِيرْ .. هَزُلْت!
.......................................
بِمُجَرَّدِ أنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ،
يُفْرِجُ عَنِ الْمِيَاهِ لِتُورِيَ ما قَرَأَهُ
فِي قَنَوَاتِ الصَّرْف.
المحمدية، 26 يونيو 2003
يَوْمِيَّات
أَسْتَفِيقُ عَلَى صُرَاخِ رَضِيعٍ،
يُصِرُّ عَلَى أنْ يَسْتَوْفِيَ حِصَّتَهُ باكِراً مِنْه.
أُفْطِرُ عَلَى بُكَاءِ شَقِيقَةٍ،
تَرْفُضُ أنْ تَحْمِلَ أَلْوَانَهَا وَأَصابِعَهَا إلَى الْمَدْرَسَه.
أَعْبُرُ الشَّارِعَ عَلَى ضَجَّةِ أطْفالٍ،
تُحاصِرُ أيَّةَ فُرْصَةٍ لِلْهُرُوبِ أمَامَ قِطَّه.
أَسْتَقِلُّ الحَافِلَةَ عَلَى تَوَسُّلاَتِ كَسِيح،
يَتَفَنَّنُ فِي تَطْوِيع جَسَدٍ عَلَى اسْتِعْرَاضِ عَاهاتِه.
أَدْخُلُ الْفَصْلَ عَلَى مُوَاجَهَةٍ مَعَ تَلاَمِيذ،
يُشْهِرُونَ أَكُفَّهُمْ كَالأَسِنَّةِ عَالِياً فِي وَجْهِي.
أَتَغَذَّى عَلَى مَشَاهِدِ حَرْبٍ،
يَأْتِي رَصَاصُهَا غَزِيراً وَقَوِيّاً مِنَ التِّلْفاز.
أُقَيِّلُ عَلَى تَقْرِيعِ زَوْجَةٍ،
يَحْتَدُّ لِمُجَرَّدِ اِلْتِفاتَةٍ لَمْ تَكُنْ فِي حِسَاب.
أَتَأَمَّلُ حَالِي عِنْدَ بَحْرٍ،
كُلَّما أَشْرَفْتُ عَلَيْهِ أَوْدَعَنِي رُعُوداً وَوَعِيدَا.
أَتَعَشَّى عَلَى جَلَبَةِ قِطَارٍ،
لِقُوَّتِهَا تَتَهَاوَى أَفْكَارِي مِنْ أعْلَى طَابق.
أَنامُ عَلَى شَخِيرِ امْرَأَة،
تَغْزُو حَشَرَاتُهُ مَارَبَّيْتُ مِنْ أَحْلاَم.
المحمدية، ماي 2003
فِي الْجَرِيدَة
اَلرَّجُلُ يَتَصَفَّحُ أَخْبَارَ السِّيَاسَه.
اَلزَّوْجَةُ تَتَعَقَّبُ أَخْبَارَ الْحَوَادِث.
الإِبْنُ يُتَابِعُ أَخْبَارَ الْبُطُولَةِ الْوَطَنِيَّه.
اَلْبِنْتُ تَسْتَقْصٍي أَخْبَارَ الْمُوضَةِ وَالْفَن.
اَلْخَادِمَةُ تَمْسَحُ بِأَخْبَارِ الْمَالِ وَالأَعْمَال
زُجَاجَ النَّوَافِذِ.